مدينة الرياض
    

الذكاء الاصطناعي وتزييف الأخبار



الذكاء الاصطناعي وتزييف الأخبار

يشهد العالم اليوم ثورة رقمية غير مسبوقة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي لم تقتصر آثارها على تطوير العمليات وتحسين كفاءة الإنتاج الإعلامي فقط، بل أصبحت أيضًا أداة قادرة على تزييف الأخبار وصناعة واقع إعلامي مضلل. فقد أسهمت هذه التقنيات في إنتاج محتوى يبدو واقعيًا إلى حد كبير، سواء كان نصًا أو صورة أو مقطع فيديو، ومع سهولة تداوله عبر المنصات الاجتماعية، أصبح الجمهور عرضة للتضليل، خصوصًا حين تُستخدم هذه التقنيات للتأثير على الرأي العام، مما جعل “الزيف الواقعي” أحد أخطر التحديات الإعلامية الحديثة.

أمام هذا الواقع، بات لزامًا على المؤسسات الإعلامية تطوير آليات جديدة للتحقق من الأخبار، وتبني أدوات رقمية قادرة على كشف المحتوى المفبرك، إلى جانب تدريب الكوادر الصحفية على التعامل مع الذكاء الاصطناعي بوعي ومسؤولية، لضمان وصول المعلومة الصحيحة للجمهور، لا ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي المزيّف.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي أصبح من أبرز أسباب انتشار الأخبار الزائفة، إلا أنه يمكن أن يكون وسيلة فعّالة للحد منها أيضًا. فبإمكانه المساعدة في تتبع مصدر الأخبار المشكوك فيها، وتحليل طريقة انتشارها، مما يسهم في كشف مدى مصداقيتها. وإذا استُخدمت هذه الأدوات بطريقة صحيحة، فإنها يمكن أن تُعيد الثقة بين وسائل الإعلام والجمهور، وتحدّ من التضليل الذي تسببه المحتويات المفبركة.
وللتحقق من صحة الأخبار في ظل هذا الزخم المعلوماتي، يمكن اتباع عدد من الخطوات العملية، من أبرزها:
 1. التحقق من المصدر: معرفة الجهة التي نشرت الخبر أولًا، ومدى موثوقيتها وتاريخها في نشر الأخبار الصحيحة.
 2. مطابقة الخبر مع مصادر متعددة: فالمعلومة الصحيحة غالبًا ما تتكرر بصيغة متقاربة في أكثر من وسيلة موثوقة.
 3. تحليل المحتوى البصري: باستخدام أدوات كشف الصور أو الفيديوهات المزيفة (مثل Google Lens أو InVID) لمعرفة ما إذا كانت الصورة أو الفيديو معدّلين أو منسوخين من سياق آخر.
 4. التدقيق في اللغة والأسلوب: فالأخبار المزيفة غالبًا ما تحمل لغة مثيرة أو عاطفية تهدف إلى جذب التفاعل السريع.
 5. استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي الموثوقة: مثل أدوات الكشف عن النصوص أو الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي، والتي تساعد على التفرقة بين الحقيقي والمصطنع.

إن مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي يعتمد على مدى قدرة العاملين فيه على الموازنة بين السرعة والمصداقية، واستخدام التقنية لتعزيز الثقة لا لتهديدها. فالإعلام الصادق سيبقى هو الركيزة الأساسية لبناء وعي مجتمعي سليم، مهما تطورت الأدوات.
الذكاء الاصطناعي وتزييف الأخبار