مدينة الرياض
    

الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي شريك أم بديل





الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي… شريك أم بديل؟

بقلم:ريم المطيري

في زمن تتسارع فيه التحولات التقنية بوتيرة غير مسبوقة، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرّد أداة تقنية، بل أصبح لاعبًا رئيسيًا في صناعة الإعلام، يفرض حضوره في غرف الأخبار، واستوديوهات البث، وفرق تحرير المحتوى الرقمي. السؤال اليوم لم يعد: “هل سيؤثر الذكاء الاصطناعي على الإعلام؟” بل أصبح: “كيف نوظفه بذكاء دون أن نفقد روح المهنة؟”

الإعلام يدخل عصر “المحرر الذكي”

من أبرز مظاهر الذكاء الاصطناعي في الإعلام اليوم هي أدوات توليد النصوص والتحرير التلقائي. برامج مثل ChatGPT وJasper AI تمكّن الصحفي من كتابة مسودة أولية لمقال، أو صياغة عنوان جذّاب، أو حتى تحرير بيان صحفي خلال دقائق. صحيح أن هذه الأدوات لا تملك إحساس الكاتب، لكنها تسعف في التغلب على ضغوط الوقت وتسارع النشر.

العناوين لا تُصاغ… بل تُولّد

في السابق، كان تحرير العنوان مهارة صحفية بامتياز. أما اليوم، أصبحت أدوات مثل Copy.ai وWritesonic قادرة على اقتراح عشرات العناوين بناءً على نص الخبر، مع تحسينات تعتمد على بيانات التفاعل الجماهيري. الأمر ذاته ينطبق على كتابة وصف الفيديو أو منشور منصات التواصل، حيث لم تعد “الموهبة” وحدها كافية، بل يتقدم الذكاء الخوارزمي خطوة بخطوة.

المحتوى المرئي… مذيعون افتراضيون وصوت بلا ميكروفون

أما في حقل الإنتاج الصوتي والمرئي، فقد أزاحت أدوات مثل Descript وSynthesia الكثير من التحديات التقنية. تخيل أن تحرّر مقطع بودكاست بالنص فقط، أو تنتج فيديو إخباري بمذيع افتراضي يتحدث بعدة لغات! لم تعد هذه رفاهية، بل واقع تستخدمه وكالات كبرى لتقليل التكاليف وتسريع النشر.

الصحافة الاستقصائية… أيضًا لها نصيب

حتى التحقيقات الصحفية تجد عونًا في أدوات التحقق من الأخبار مثل Full Fact AI أو Google Fact Check Tools. يمكن لهذه الأنظمة تحليل تصريحات الساسة أو المحتوى المتداول، وتنبيه المحرر تلقائيًا إلى وجود مغالطات، مما يوفر وقتًا وجهدًا في التحقق اليدوي.

ماذا عن التحليل والاتجاهات؟

في غرف الأخبار العالمية، تُستخدم أدوات مثل Primer وBuzzSumo لرصد القصص الرائجة، وتحليل المزاج العام في وسائل التواصل، واقتراح مواضيع ساخنة يمكن تناولها بناءً على البيانات. هذه التقنية تمنح الصحفي “عينًا ثالثة” تتابع العالم في كل لحظة.

التقنية لا تلغي الإنسان… بل تدعمه

من المهم أن نؤكد: الذكاء الاصطناعي لا يُغني عن الصحفي، بل يدعمه. لا تزال اللمسة الإنسانية ضرورية، من حيث اختيار الزاوية، والتحقق من السياق، وفهم الثقافة المحلية. ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي هو تسريع المهام الروتينية، ليُتيح للصحفي مساحة أكبر للإبداع والتحليل والعمق.

الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي ليس معركة بين الإنسان والآلة، بل شراكة استراتيجية إن أحسنّا توظيفها، أنتجنا محتوى أسرع، أعمق، وأدق.
فلتكن علاقتنا بالتقنية ليست خوفًا منها… بل ذكاءً في استخدامها.
الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي شريك أم بديل